الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

الأحد، 21 أكتوبر 2012

الحرب النفسية


الحرب النفسية وسبل مواجهتها


كان وما يزال للكلمة أثر كبير في تحديد اتجاهات الرأي العام باتجاه أهداف وغايات محددة وقد عدّ البعض حرب الكلمة من أشد وظائف أجهزة الإعلام ضراوة وعنفا .
ومثلما أختلف الباحثون في تحديد تعريف واضح ومحدد لحرب الكلمة أو ما يصطلح عليه البعض الحرب النفسية اختلفوا أيضا في وضع تعريف للرأي العام .
المهم أن الإنسان أستخدم ومنذ القدم أساليب ووسائل متعددة للسيطرة على أفكار ومعنويات غيره وتسخيرهم وفق مشيئته،ومن يتصفح كتب التأريخ يجد الكثير من الوقائع التي تدل على ذلك,  فالحرب النفسية أو حرب الكلمة حقيقة قديمة وهي موجودة منذ أن وجد الصراع البشري ولكنها كمصطلح لم يظهر إلاّ بعد الحرب العالمية الثانية .
يقول نابليون بونابرت عن معنى قوة الكلمة ( إنني أرهب صرير القلم أكثر من دوي المدافع ) وكان إيمانه القوي في ما للكلمة من مفعول كتب في عام  1796 م يوم كان قائداً عاماً لجيشه في إيطاليا ( من المستحسن أن لا يتعرض الصحفيون لملك سردينية وأن لا ينشروا عنه سخافات بعيدة عن الواقع ، هناك شطحات قلّم ترتكز على إشاعات خاطئة تسيء إلينا وتخلق لنا الأعداء من حيث لا نريد كما يقول الصهيوني ( مناحيم بيغن ) في أحد مؤلفاته ( يجب أن نعمل ولنعمل بسرعة فائقة قبل أن يستفيق العرب من سباتهم فيطلعوا على وسائلنا الدعائية فإذا استفاقوا ووقعت بأيديهم تلك الوسائل وعرفوا دعامتها وأسسها فعندئذ سوف لا تفيدنا مساعدات أمريكا وتأييد بريطانيا وصداقة ألمانيا عندها سنقف أمام العرب وجهاً لوجه مجردين من أفضل أسلحتنا ) .
لقد تطورت وسائل الإعلام بشكل كبير خاصة منذ بداية عقد تسعينات القرن العشرين وكان هذا التطور جزءاً من تطور أشمل وأعم طرأ على خارطة العالم كله في ظل النظام الدولي الجديد وسطوة القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق .
تعريفات عامة
أشتد الخلاف بين خبراء الإعلام والدعاية في تحديد مفهوم كلمة الحرب النفسية ولم يتوصلوا ويتفقوا لحد الآن إلى وضع تعريف دقيق وشامل لهذا المصطلح الذي تطور خلال وبعد الحرب العالمية الثانية حتى غدت في المقدمة الأسلحة التي تتحارب فيها الدول فيما                                                   
بينها ,ويأتي هذا الاختلاف بالآراء من كون حرب الكلمة غير محددة النشاط والمجال والوسائل إضافة إلى كونها لا تستند على قواعد علمية ثابتة في ميدان عملها حالها في ذلك حال الدعاية السياسية وقد أطلق الإعلاميون على حرب الكلمة مصطلحات وتسميات أخرى عديدة منها الحرب النفسية هي أكثر شيوعاً من بقية التسميات وغسل الدماغ ، وحب المعتقد ، والحرب الباردة والحرب السياسية ، وحرب الأعصاب ، ولكن كل هذه المصطلحات تعني جميعها مفهوماً واحداً .
لقد عرف الأخصائيون الحرب النفسية بأنها الاستخدام المدبر لفعاليات معينة معدة للتأثير على أراء وسلوك مجموعة من البشر بهدف تغير نهج تفكيرهم وهي تشمل بمعناها الواسع استخدام علم النفس لخدمة الهدف بأساليب الدعاية والإشاعة والمقاطعة الاقتصادية والمناورة السياسية وتعتبر أقل الأسلحة كلفة إذا ما أحسن استخدامها ولا يقتصر استخدامها في وقت الحرب فقط بل هي عملية مستمرة ، كما لا يمكن معرفة نتائجها إلا بعد أشهر أو ربما سنين كما يرى بعض خبراء الإعلام والدعاية إنها استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة من الدول للدعاية وغيرها من الإجراءات الإعلامية الموجهة إلى جماعات عدائية أو محايدة أو صديقة للتأثير على أرائها وعواطفها ومواقفها وسلوكها وطريقة تسهم في تحقيق سياسة وأهداف الدولة أو الدول المستخدمة الحرب النفسية، ولقد بذل بول لينباجر وهو من الرواد الذين كتبوا في مجال الحرب النفسية جهوداً واضحة للوصول إلى تعريف جامع شامل فقال : إنها استخدام الدعاية ضد العدو مع إجراءات عملية أخرى ذات طبيعة عسكرية واقتصادية أو سياسية بما تتطلبه الدعاية ويضيف ( إنها تطبيق لبعض أجزاء علم النفس لمعاونة المجهودات التي  تبذل في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية ) .
والآن بعد أن تناولنا بعض تعاريف الحرب النفسية لابد أن نأتي الى مفهوم ( الرأي العام ) الذي يشكل طرف المعادلة الآخر في هذه الحرب .
وبمثل ما أختلف العلماء في تحديد مفهوم الحرب النفسية فأنهم لم يتفقوا أيضا على وضع مفهوم ثابت للرأي العام كما تشير إلى ذلك أ.د حميدة سميسم والتي حددت تعريفه بأنه ( الرأي السائد الذي ينبع من الإفراد وغايته الجماعة ( الجماهير ) بعد السؤال والاستفهام والنقاش تعبيراً عن الإرادة والوعي اتجاه أمر ما في وقت معين ، ويشترط موافقته للشريعة والسير في حدودها من أجل تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وترتبط اتجاهاته بالولاء القومي والوطني والديني بإفراد الأمة ) . وإذا كان هذا التعريف يحرص على تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ويربط الرأي العام بمرجعيات مختلفة مثل الدين والقومية والوطن وما إلى ذلك , فأن تعريفا لباحث آخر قد يقربنا إلى المفهوم أكثر ، وهذا التعريف يرى انه إذا كان الرأي العام يمثل وجهة نظر الأغلبية اتجاه قضية معينة وعامة وفي زمن معين تهم الجماهير وتكون مطروحة للنقاش والجدل للبحث عن حل يحقق الصالح العام فأن أركان هذه الظاهرة تتمحور حول النقاط التالية :-
1-  وجهة نظر الأغلبية .
2-  قضية عامة معينة تهم غالبية المجتمع .
3-  زمن معين .
4-  قضية مطروحة للنقاش .
ولعل ربط المفهوم الشرقي للرأي العام بينه وبين المصلحة العامة التي قد تعني مصلحة الحاكم أياً كان سواء سلطة سياسية أو دينية أو غيرها فأن المفهوم الغربي يعرف الرأي العام ، إنه يوجد في كل آونة معينة مجموعة من الاعتقادات والقناعات والمشاعر والمبادئ المعترف بها وقوية الجذور والتي إذا اجتمعت ألفت الرأي العام لفترة مستقلة وهذا ما يمكن أن نسميه بتيار ( الرأي العام المنتشر أو السائد ) ، فالرأي العام هو التعبير حول نقطة متنازع عليها بمعنى انه لا يوجد إلاّ إذا وجد رأي عام آخر مقابله أي حيث ما يكون هناك نزاع ، لأن الرأي العام هو الآراء الفردية الناجمة عن التفاعل حول قضية معينة داخل جماعة معينة .
ومع الإقرار بأن الرأي العام ليس رأي الشعب كله بل رأي الفئة المتفوقة منه التي يرى البعض إن الطبقة الوسطى تمثلها ، فأن الرأي العام يتداخل مع مفاهيم متعددة مثل الاتجاه والسلوك والعاطفة والعقيدة والحكم مما يخلق نوعاً من الالتباس الذي لابد من فكه كما أن هناك تداخلاً موضوعياً ومنهجياً بين الجمهور والرأي العام مما حدا بالباحثين والمختصين في مجالات السياسة والاجتماع والإعلام أن يفرقوا بين الإطار العام للجمهور باعتباره يضم الغالبية الصامتة فضلاً عن الأقلية النشطة المشاركة في صنع الإحداث والقادرة على التعبير عن آرائها ، وبين الإطار الخاص الذي يضم الإفراد المشاركين في صنع الرأي العام ويقتصر على هؤلاء الذين يجمعهم الإدراك المشترك بوحدة مصالحهم ، وتحركهم الآراء والمواقف وهم يشكلون القطاعات النشطة من الجمهور .
الأهداف والأدوات:
يمكن إجمال أهداف الحرب النفسية بأتباع سياسة أيديولوجية ومعنوية والعمل على توسيع وقيادة عملية التأثير على الجماعة سواء في الحرب أو السلم من خلال استخدام وسائل التأثير على معنويات وأخلاق المواطنين .
وقد حدد البروفسور رجيارداكروس الذي كان يشغل رئاسة الحرب النفسية في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية أهم أهداف هذه الحرب بالتالي :-
1-    تحطيم قيم وأخلاقيات الشعب الذي توجه إليه الحرب النفسية .     
2-     إرباك نظرته السياسية وقتل كافة معتقداته ومثله التي يؤمن بها .
3- إعطاؤه الدروس الجديدة ليؤمن بعد ذلك بكل ما نؤمن به
     أجراء عملية غسل دماغ .
4- زيادة شقة الخلاف بين الحكومات وشعبها .
  5- غرس بذور الفرقة بين أبناء الشعب .
وقد قسم عدد من الباحثين الحرب النفسية إلى عدة أقسام رئيسية منها :      
السوقية والتعبوية والحرب المعززة للمعنويات التي تتوجه نحو السكان المدنيين لضمان الحصول على تعاونهم الوثيق .
وسنركز هنا على قسم الحرب المعززة للمعنويات كونه يختص ويتوجه كما قلنا نحو السكان المدنيين .
فلقد حددت الدراسات المتعلقة العوامل التي تساعد مثل هذا القسم من الحرب ( الحرب المعززة للمعنويات ) على بلوغ أهدافها بما يلي :
1-  الاندحارات العسكرية التي تجعل سكان البلد المندحر مستعدين نفسياً لقبول أية دعاية .
2-  اقتراب نهاية الحرب وبما يدفع السكان للأخذ بتوجيهات قطاع الاحتلال .
إن الحرب النفسية تقوم على أساس إثارة الدوافع التي تختلج في أعماق المواطنين أثناء الحرب أو عند تعرضهم للمصاعب والتهديد المستمر بالدمار وهي تسعى إلى تحطيم معنوياتهم وبالتالي تهيئتهم نفسياً لقبول أية فكرة ثم تشجيعهم على تنفيذها ، وأخيرا مساعدتهم على تحقيقها.
لقد اعتمدت الحرب النفسية أساليب وصيغا مختلفة إلا إنها تتداخل مع بعضها البعض لتصل بالنهاية إلى تحقيق غرضها ومن أهم هذه الأساليب :
الدعاية
لغرض ترويج معلومات وأراء وفق تخطيط معين بقصد التأثير على عقول ومشاعر وأعمال مجموعة معينة من البشر لغرض معين وهي أحد أسلحة الحرب النفسية الفتاكة مما حفز الدول على التفنن في كيفية استخدامها . ويتفاوت غرض اللجوء إليها في السلم عنه في الحرب ، ففي السلم يستهدف من الدعاية الدعوة لمناصرة قضية أو عقيدة معينة وتثبيط عزيمة الأعداء في عرقلة تنفيذ البرامج السياسية للحكومة أما في الحرب فإنها تستهدف إدامة معنويات السكان وتهيئتهم نفسياً لقبول فكرة الحرب وما يترتب عليها وما ينجم عليها من ويلات إضافة إلى تثبيط عزيمة العدو ومحاولة التأثير على الدول المحايدة ولابد هنا من الإشارة إلى أن الدعاية تشمل كل وسائل  الاتصال الجماهيري وهي في الوقت الحاضر الفضائيات والإذاعات والصحف والانترنيت ........الخ
الإشاعة
يصنف علماء النفس الإشاعات إلى ثلاثة أصناف رئيسية هي إشاعة الخوف ،وإشاعة الأمل،وإشاعة الحقد مع التأكيد من إن الإشاعة تسري في جسد الشعب الضعيف الأعصاب كسريان النار في الهشيم.
الضغوط الاقتصادية
وتمارس بطرق متعددة منها الحصار الاقتصادي والمقاطعة الاقتصادية بهدف منع وصول الأطعمة والمواد الضرورية وتجميد إمكانيات البلد الإنتاجية وبما يؤدي إلى الجوع والحرمان الذي من شأنه أن يخلق أزمات نفسية ونقمة متزايدة .
المناورة السياسية التي تتكامل فعاليتها وترتبط بالعوامل السابقة التي تم ذكرها كالدعاية والإشاعة ، وتبرز المناورة السياسية بشكل خاص وقت السلم وبمظاهر متعددة منها التهديد المستمر بالحرب كالتهديد الذي مارسه هتلر منذ عام 1936الذي جعل تشيكوسلوفاكيا  آنذاك تتنازل عن منطقة السويدات دون أن تطلق طلقة واحدة إضافة إلى أساليب أخرى تعتمد على التلويح باستخدام القوة.

الإعمال العسكرية الرادعة
وتأتي استكمالاً لأقسام الحرب النفسية الاخرى وتأخذ أشكالا متعددة منها شن الغارات الجوية والحركات الاستنزافية واستخدام الأسلحة بكل أنواعها .
كيف نواجه الحرب النفسية ؟
إن مواجهة عملية وناجحة لمجابهة أية حرب نفسية يتعرض لها بلد ما تتطلب استخدام وسائل فاعلة يمكن إجمال أبرزها بما يلي :-
أولا :
مكافحة نشاط الجماعات المعادية في الداخل أو ما أصطلح على تسميته الطابور الخامس حيث ظهر هذا التعبير خلال الحرب الأهلية الاسبانية عندما قال الجنرال (مولا ) أحد قادة فرونكو ( إن أربعة طوابير تتقدم على مدريد للاستيلاء عليها ولكن هناك طابورا خامساً كاملاً داخل المدينة له القابلية على إنجاز ما لا يستطيع أي رتل انجازه ) . والطابور الخامس سلاح فعال مهمته تحطيم كيان الأمم من الداخل بإضعافها وتفتيت شملها بالإشاعات والأراجيف لإثارة الفزع بين صفوف المواطنين وإثارة النعرات القومية والطائفية والعرقية بينهم والقيام بأعمال الشغب والتخريب التي تخلق الفوضى.
إن مثل هذا النوع ينبغي مواجهته بشدة وصرامة واتخاذ التدابير اللازمة لوقف نشاطه بالتنسيق مع فعاليات الحرب النفسية الأخرى وفي مقدمتها الإعلام الذي تقع عليه مسؤولية كبيرة بالكشف عن أهداف العدو أمام الرأي العام المحلي والعالمي كوسيلة من وسائل الدعاية المضادة  إضافة إلى اعتماد ما يلي :-
1-  وجود منهاج توعية شامل يستهدف تنمية الشعور بالمسؤولية لدى المواطنين مع توضيح دقيق للدور الخطير للمجموعات المعادية وإيضاح وسائلهم وأساليبهم التخريبية .
2-  تحقيق الوحدة الوطنية المتماسكة وقطع الطريق على محاولات زرع بذور الفرقة وقد أثبتت الأحداث في العالم وفي العراق بعد أحداث 2003 إن الشعب المفكك الأواصر يكون خير مرتع للأعداء ومهما كانت تسمياتهم .
3-  اتخاذ تدابير كفوءة لمواجهة الإشاعة من أهمها إطلاع الشعب بشكل صادق على ما يجري بعيداً عن أساليب الخداع والمراوغة التي سرعان ما يكتشفها الشعب .
4-  وضع سياسة إعلامية وطنية موحدة للشعب والتحذير من محاولات إشاعة عوامل الفرقة والتناحر بين أبناء الوطن الواحد والتصدي لمثل تلك المخططات التي تسهل للأعداء تحقيق مآربهم .
5-  مد جسور الثقة بين الشعب والسلطة وتعميقها والتواصل الحقيقي مع المواطنين والاستماع إلى شكاواهم وآرائهم ومناقشتها معهم .


الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

أحذروا "الديوكسين" هذا الخطر القادم إلينا


أحذروا الخطر الجديد القادم إلينا , وهذا الخطر القاتل عبارة عن مادة سامّة اسمها "ديوكسين" تصل إلى بعض أنواع من السلع الغذائية من خلال تغذية الحيوانات والطيور بعلف مضاف إليه هذه المادة المستخرجة من منتجات البترول، وقد أعلنت منظمات حماية المستهلك العالمية قائمة بهذه السلع التي تتضمن الدواجن والألبان ومنتجات الألبان والحلويات التي تدخل في صناعتها هذه الألبان وبعض أنواع اللحوم، والاتهامات موجهة الآن إلى بلجيكا؛ ولكنها لا تلغي احتمالات تصدير الخطر الجديد القاتل إلى دول أوروبا بأكملها التي تستخدم نفس الموادّ في علف حيواناتها وطيورها .

في بعض الدول العربية صدر قرار بحظر استيراد بعض المنتجات الغذائية من دول الاتحاد الأوروبي لتلويثها بمادة "الديوكسين" السامة، وتتضمَّن القائمة اللحوم وبعض الطيور والدهون وبعض الحلويات والعجائن ومستحضرات التجميل التي يدخل في صناعتها الألبان
وتعقيبا على مرسل الأيميل نحب أن نوضح للقارئ أولا:

ما هو الديوكسين ؟
الديوكسين (Dioxin) هو أحد أهم وأخطر المواد الكمياوية وأكثرها سمية وخطورة وتأثيرًا على صحة الإنسان، وخطورة الديوكسين تكمن في أنه يتكوَّن كمادة وسيطة أثناء تحضير بعض الصناعات البتروكمياوية، وخاصة تلك التي يدخل الكلور في تكوينها مثل صناعة الورق (أثناء عملية تبيض لب الورق) كما أنه يمكن أن ينتج في الجو أثناء عملية حرق القمامة والمخلفات، خاصة النفايات الطبية والكيماوية، ويتم التخلص من هذه المواد السامة سواء عن طريق الماء (الصرف الصحي أو الأنهار والترع) أو الهواء أو من خلال تلوث التربة الزراعية. وبالتالي تنتقل هذه المادة شديدة السمية إلى الأسماك والحيوانات والماشية واللحوم والطيور ومنتجات الألبان، وتختزن هذه المادة السامة في دهون هذه الكائنات، وعندما يأكلها الإنسان تنتقل إليه وتترسب في الدهون المختزنة في جسمه؛ وتسبِّب له كل الآثار الصحية والبيئية السلبية التي تنجم عنها

ولكن .. أين تكمن خطورة هذه المادة؟


تكمن الخطورة في أنها غير قابلة للتكسير أو الذوبان بأي شكل من الأشكال، ولا تتغذَّى عليها أي من البكتريا الموجودة في الطبيعة؛ سواء في الماء أم الهواء أم التربة، وبالتالي.. فبمجرد أن تتكون تبقى في البيئة، وتنتقل من كائن إلى آخر، ومن وسط إلى آخر حتى تصل إلى الإنسان، وتُحدث تأثيراتها المدمرة فيه على مر السنوات الطويلة بصورة تدريجية، وتزيد هذه الآثار المدمرة كلما زادت كثافة هذه المادة المسرطنة، وفترات التعرض لها، وبالمناسبة فهذه المادة لها مشتقات أو مواد شبيهة بها من حيث التأثير تصل إلى (420) مادة، وهي في تركيبها الكيميائي عبارة عن حلقتين من البنزين تربطهما ذرتان من الأكسجين وأربع ذرات من الكلور. ورغم أن عائلة الديوكسين تضم (419) مركبًا إلا أن التجارب العلمية أثبتت أن (30) منها فقط لها تأثير سام ومستوطن على جسم الإنسان ، وتخرج الديوكسينات ضمن نواتج العديد من العمليات الصناعية كما تخرج من بعض التفاعلات الطبيعية مع نواتج البراكين وحرائق الغابات، كذلك تخرج كنواتج جانبية أثناء صناعة المبيدات الحشرية وعمليات تبيض لب الورق، وتوجد الديوكسينات في أماكن عديدة كالهواء والتربة والماء وبعض الأطعمة كاللحوم والأسماك والقواقع، لكنها تكون بنسب قليلة جدًّا في الهواء والماء ويأتي تلوث التربة بالديوكسينات نتيجة تخزين التربة بالمخلفات الصناعية لفترات طويلة فتتسرب إلى البيئة المحيطة، وبالتالي للتربة وطعام الحيوانات وبعض الأجنة، وحديثي الولادة هم أكثر الفئات حساسية للتعرض للديوكسين في بعض المناطق من العالم ـ كما يذكر تقرير منظمة الصحة العالمية ـ بسبب الإكثار من تناول أنواع معينة من الغذاء كالأسماك الدهنية، ومن بينها القراميط وثعابين السمك، وكذلك العاملون في مشروعات حرق المخلفات الخطيرة وصناعة الورق خاصة عمليات تبييض لب الورق وصناعة المبيدات وغيرها، ويمكن تقدير الخطر على صحة أي إنسان من تناوله الأطعمة الملوثة بالديوكسين وذلك بتقدير كمية الطعام ـ الملوث بالمادة ـ الذي يتناوله يوميًّا، وكذلك مدة التعرض لتلك المادة وكميتها المتجمعة والمخزونة بالجسم، ثم عن طريق هذه الأرقام يمكن تقدير نسبة الخطورة التي يتعرض لها الإنسان، ولكي يقلل الإنسان من خطر تعرضه لمادة الديوكسين لا بد أن يتخلص أولًا من الدهون الموجودة في اللحوم والابتعاد عن المأكولات التي تدخل الدهون في صناعتها كالشيكولاتة مع التركيز على الطهي الجيد للحوم، أما الوجبات الغذائية المعتادة فلا بد أن تكون متوازنة بحيث تحتوي على شيء من كل شيء ولا ترتكز على نوع واحد من الغذاء فتضم الفواكه والخضراوات الطازجة، إلى جانب الحبوب والخبز وقليل من اللحوم البيضاء والحمراء الخالية تمامًا من الدهن الذي يلتحم به الديوكسين ويذوب فيه.

وبصفة عامة تتطلب عملية تكسير الديوكسينات والتخلص منها معالجة حرارية شديدة يمكن أن تصل فيها درجة الحرارة إلى أكثر من (1000 درجة مئوية) وضرورة فرض قيود لحماية موارد الغذاء؛ لأن تلوث الغذاء يمكن أن يحدث في أي مرحلة من المزرعة إلى المائدة ومن هنا فالمفروض أن تكون عملية تأكيد الجودة والرقابة عليها عملية مستمرة وأشد على عمليات الإنتاج والتصنيع الأولية والتداول والتوزيع، ثم البيع كلما أمكن؛ لضمان سلامة المنتجات الغذائية وحمايتها من التلوث بالديوكسين.