الأربعاء، 21 فبراير 2024


درب المدرسة


كان حلم كل طالب واسرة وأب وأم اجتياز ابنهم المرحلة الابتدائية والدخول للثانوية العامة، لقد كانت المدارس الثانوية العامة محدودة إذ توجد فقط في المدن الكبيرة، لذلك تشتد المنافسة بين التلاميذ لنيل شرف الوصول والجلوس في مقعد يأكد جدارة وقدرة الطالب على الحصول أعلى الدرجات من بين زملائه التلاميذ وعلو كعبه ومقامه.

اكثر من أربعين مدرسة تتنافس في أربعة مدارس للمرحلة الثانوية العامة، بمعنى آخر الفين طالب يتنافسون على مائتين مقعد دراسي، أو ثلاثمائة في أحسن الأحوال. كل عشرة طلاب يمر واحد فقط للمرة التالية لذلك كان الفاقد التربوي كبير ولا توجد معاهد حرفية لاستيعاب هذا الكم الهائل من الطلاب.

لا توجد كهرباء في المدارس او المنازل لمراجعة الدروس في المساء، لقد كانت الانارة باللمبات او الرتينة والشمع، والفانوس ولمبة الخيط والجاز الأبيض. كنا نجتمع في المدرسة للمذاكرة من بعد صلاة العصر حتى صلاة العشاء. بإشراف احد المعلمين.


قصة المعلم قصة ثانية. لقد كان المعلم معلم بمعنى الكلمة، معلم في المدرسة وفي الشارع وفي المكتب والبيت. الاحترام سيد الموقف، لا يمكن تمشي قدامه وترفع صوتك في حضوره ولن تعمل اي عمل مخالف الأدب ولو خارج المدرسة في وجوده، وعلى استعداد تام لتلبية اي حاجة يطلبها منك. وفي نفس الوقت لن تجد المعلم في مكان يقلل من شأنه مثل الحفلات واماكن الاختلاط والرقص، كان مالي بنطلونه وقميصه شاكيه داخل البنطلون ومزرر كم القميص وجزمة سوداء تلمح. كان المعلم قدوة في كل شيء في لبسه وفي كلامه ومشيه في الطريق. وقد كنا نقلده في طريقه كلامه وإلقاء الدروس ومشيه في الطريق. ولم اتطرق لطريقة التدريس والكفاءة، لأن هذا يحتاج مقال لوحده، لأن المعلم كان موسوعة علمية.

ذهبنا إلى مركز الامتحانات في المدينة، لقد تجمعنا قبل وقت كافي في المدرسة وركبنا اللوري عدد لا بأس به بين الثمانين او التسعين تلميذا وتلميذة لقد كنا صغار السن في تلك الفترة فتم حشرنا حشرا، لا نعرف حاجة ولا الاحتجاج، ربما كنا فرحين اكثر من شعورنا بالضيق من الوضع، كان طموح بسيط للأطفال من القرية ماشين للمدينة حيث الانوار تتلألأ والمياه من الماسورة والمحلات التجارية والمقاهي والمطاعم ومحلات العصائر.

 في المدينة حيث مركز الامتحانات تم إخلاء فصول احد المدارس لكي ننام فيها. وجدنا عدة مدارس سبقتنا واتخذوا مقرات لهم في بعض فصول المدرسة، لقد كان الوضع غير ملائم ابدا، لكن ما في طريقة نرفض او نعبر عن عدم رضانا بالوضع ، كان معاناة حقيقية ولا تشجع الطلاب على المراجعة، بل كان هناك بعض المشادات الكلامية ادت لإخراج احد التلاميذ لسكين، مما أدى لصياح التلاميذ وتم إحضار المشرف على السكن وهو في غالب الأحيان بعيد عن الموقع. بعد ذلك دخلنا السوق زمرا، شربنا العصائر واكلنا السندويتشات ورفهنا عن انفسنا في سوق المدينة.

الامتحانات ثلاثة أيام، انتهت ولم نتمنى أن تعود كانت من اتعس الايام، ما في نوم لقد كان التلاميذ من المناطق المجاورة لنا في الفصول في حالة صياح ومطاردة معظم الوقت ولا يتقيدون بتعليمات السكن ولا مراجعة جيدة ولا اكل مناسب، لقد شعرنا بسعادة عند رجوعنا لأهلنا، كانت تجربة صعبة غيرت راينا في المدينة وشقفنا بها وزهدنا عن مفاتن وبهجة المدينة.


ليست هناك تعليقات: